استنكار حقوقي لسجن صحفي تونسي

قضت محكمة تونسية بتثبيت حكم ابتدائي بالسجن أربعة أعوام بحق الصحفي فاهم بوكدوس، في جلسة استئناف وصفها محاموه بأنها تفتقر لشروط العدالة والنزاهة، حسب قولهم.

واعتبر محامو الصحفي الذي يعمل مراسلا لقناة "الحوار التونسي" الفضائية أنّ "القضاء لم يكن عادلا" حينما نطق بالحكم غيابيا على بوكدوس، الذي لم يحضر المحاكمة بسبب خضوعه للعلاج بالمستشفى بعدما تعكّرت صحته نتيجة مرض الربو المزمن.

وقدّم محامو بوكدوس لمحكمة الاستئناف بقفصة (جنوب) أمس الثلاثاء، شهادة طبية تثبت تدهور وضعه الصحي، وطالبوا بتأجيل القضية حتى يتعافى موكلهم، لكن المحكمة رفضت التأجيل.

وبدأت محاكمة بوكدوس منذ أواخر عام 2008 بتهمة "تكوين عصابة وبث نشرات تعكر النظام العام".

وصدر ضدّه حكم بالسجن ست سنوات، ثمّ خفف الحكم مطلع عام 2009 إلى أربع سنوات.

ويتهم بوكدوس السلطة بتلفيق التهم ضدّه للانتقام من نشاطه الصحفي حينما قام بتغطية ما يعرف بأحداث الحوض المنجمي بمحافظة قفصة، التي قمعت فيها الشرطة احتجاجا شعبيا على البطالة والفقر والمحسوبية.

حكم باطل

واستنكر محاميه رضا الرداوي تثبيت الحكم، وقال "لقد قدّمنا شهادة طبية للمحكمة وطالبنا بتأجيل القضية حتى يتعافى موكلنا، لكنّ القضاء خالف القانون ونطق بالحكم دون أن يترافع المحامون أو أن يحضر موكلنا".

ويضيف للجزيرة نت "كان من المفروض أن يقع تأخير النظر في القضية آليا، لأنّه في حالة غياب المتهم لسبب قاهر يتأجل إصدار الحكم طبقا للقانون، لكننا رغم ذلك تفاجأنا بصدور الحكم".

ويرى الرداوي أنّ "الحكم كان قرارا سياسيا مغلفا بحكم قضائي"، ويقول "من الواضح أنّ السلطة كانت مستعجلة للزج بفاهم بوكدوس في السجن.. لقد ضغطت السلطة على القضاء لتمرير الحكم لأنها تعتقد أنّ الوقت أصبح مناسبا".

ويأتي تثبيت الحكم الابتدائي ضدّ بوكدوس قبل بداية العطلة القضائية في 15 يوليو/ تموز الحالي وبداية حركة انتقال القضاة بين المحافظات.

ويقول الرداوي إنّ السلطة اختارت هذا التوقيت مستفيدة من رغبة القضاة في الانتقال من محافظة قفصة إلى أماكن يحبذونها، ومستفيدة كذلك من تقلص النشاط الحقوقي بسبب العطل والإجازات، حسب رأيه.

خوف من الموت

وبعد صدور الحكم بقليل، صرّح بوكدوس للجزيرة نت أنّ الحكم ضدّه كان بمثابة "حكم بالقتل". وقال إنّه أصبح متخوّفا على حياته بسبب ما وصفه بـ"الظروف السيئة داخل السجون التونسية"، خاصّة وأنه يعاني من إصابة حادة في الرئتين والجهاز التنفسي.

وإلى حدّ كتابة هذه الأسطر مازال بوكدوس راقدا بالمستشفى في حالة حرجة، لكن تثبيت الحكم ضدّه مع النفاذ يجعله مطلوبا من قبل الشرطة ويمكن القبض عليه في أيّ لحظة.

ويقول بوكدوس للجزيرة نت "البوليس السياسي بإمكانه إخراجي من المستشفى والزج بي في السجن في أيّ وقت، إنهم يتصرفون بطريقة خارجة عن القوانين ولا يأبهون لأي ّ شيء".

ويتابع "أنا أحمّل السلطة تبعات تدهور وضعي الصحي، لأنها أصرّت من وراء هذه المحاكمة الظالمة، والتي ارتكب فيها القضاء فظاعة جديدة، على الانتقام مني".

واستنكرت محاميته راضية النصراوي ما وصفته بخضوع القضاء إلى أوامر السلطة التنفيذية، معتبرة أنّ "هناك قضاة غير مستقلين وأنهم مجرد أعوان يأتمرون بقرارات السلطة".

وعبّرت للجزيرة نت عن خشيتها من وفاة بوكدوس في السجن، معتبرة أنّ "الظروف في السجون التونسية قاسية وتنعدم فيها الرعاية الصحية اللازمة".

وسبق أن انتقد الصحفيان توفيق بن بريك وزهير مخلوف اللذان سجنا مطلع هذا العام ستة أشهر وأربعة أشهر على التوالي ظروف اعتقالهما، رغم أنّ السلطة تؤكد عدم تعرضهما لأيّ مضايقات أو متاعب صحية وتعتبر سجونها متلائمة مع المعايير الإنسانية.

وترفض السلطة جميع الانتقادات الموجهة إليها بأنها تقف وراء محاكمة الصحفيين، وتعتبر أنّ جميع المحاكمات كانت قضايا حق عام بسبب مخالفة بعض الصحفيين لقوانين البلاد.

خميس بن بريك
aljazeera.net

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الاشتراكية أو البربرية : حمة الهمامي

ماذا تعرف عن اتحاد الشباب الشيوعي التونسي

مبادئ الشيوعية :الى من يظن أن الشيوعية تنشر الالحاد