بيان حزب العمال بمناسبة الذكرى 5 للسابع من نوفمبر: لا بد للقيد أن ينكسر

بمناسبة الذكرى 5 للسابع من نوفمبر: لا بد للقيد أن ينكسر
أيها التونسيون والتونسيات الأحرار: يحتفل المنتفعون من 7 نوفمبر هذه الأيام بالذكرى 5 لهذا الحدث الذي خدع في وقته كثيرا من الناس فظنوا أن الغمة ستنجلى وأن التونسي سيرفع رأسه. انخدعوا بالانقلاب الذي أبقى في السلطة نفس الحزب الذي عطل نهضة بلادنا ونفس المسؤولين الضالعين في المآسي التي عرفتها (جانفي 1978، جانفي 1984، جانفي 1985 وتدمير اتحاد الشغل، أفريل 1985والهجوم على الطلبة، قمع 1987...) والذي فتح المجال أمام مزيد من الوصوليين والمرتشين والمرتزقة واللصوص ومزيد القمع والدكتاتورية ومزيد التفاوت بين الأغنياء والفقراء ومزيد التبعية للخارج. وعدكم 7 نوفمبر منذ 5 سنوات بوضع حد للقهر لكن القهر تواصل اشد مما كان. لقد تواصل الحكم الفردي في أجلى مظاهره. كل شيء بـ"يد الرئيس" لا مؤسسات ولا قوانين ولا شعب له ولها كلمة أمامه. والإذاعة والتلفزة وصحافة العار وأيمة الجمعة والمسؤولون كبيرهم وصغيرهم يعيدون على مسامعنا ما كنا تعودنا سماعه زمن بورقيبة من تهليل وتبجيل وتقديس "للرئيس" إلى درجة أن نقده أصبح جريمة ومدحه كاد يصبح فريضة في الوقت الذي يعاين فيه التونسي مواطني عديد البلدان الأخرى ينتقدون رؤسائهم ومسؤوليهم ويحاسبونهم عن أخطائهم وفضائحهم ويعزلونهم ويعوضونهم بالانتخاب ويتجمعون ويتظاهرون في الشوارع للتعبير عن إرادتهم وتبليغ الاحتجاج. ومع ذلك ما زالوا يحدثوننا في تونس عن الجمهورية!! كما تواصل تسلط الحزب (التجمع) الدستوري على كامل أوجه الحياة العامة. يحتكر البرلمان والبلديات ويتصرف في الإدارة والإذاعة والتلفزة التي يمولها جيب المواطن كأنها رزقه، ويسعى بكل الوسائل غير المشروعة مدعوما بالبوليس السياسي إلى استعادة سيطرته على الجمعيات والمنظمات والفضاءات التي خسرها. وبموجب هذا الاحتكار غير المشروع أصبح الحصول على شغل أو على منحة دراسية أو سكن جامعي أو رخصة تجارية أو غيرها رهين موافقة لجنة التنسيق أو الشعبة. وعادت ميليشيات حزب الدستور ذات التاريخ الأظلم في شكل "لجان يقظة" و"لجان أحياء" و"شعب مهنية" تتسلط على المواطنين وتحترف الوشاية عليهم وتتولى الإدارة والمؤسسات دفع أجور عناصرها بعنوان "كونجيات" خالصة الأجر كلما احتاجهم حزب الدستور في مهمة من المهمات. ومع ذلك لا زالوا يحدثوننا عن التعددية وحياد الإدارة!! وازداد تحكم البوليس وخاصة السري في الحياة العامة والخاصة للمواطنين: حملات رافل، تفتيشات، اقتحام منازل، اعتقالات جائرة وتعذييب وقتل وتدخل سافر في الحياة الشخصية وخرق لأبسط القوانين ورقابة تامة على النشر وتصوير الوثائق، وتشجيع الناس على "القوادة" وتدجين للصحافة وعسكرة تامة للجامعة... وقد استغلت السلطة تصفية حساباتها مع "حركة النهضة" لتفرض على البلاد حالة حصار متواصلة وغير معلنة تحت غطاء "مقاومة الارهاب والتطرف". ومع ذلك ما زال فريق 7 نوفمبر يتحدث عن الديمقراطية وحقوق الإنسان!! أيها المواطنون والمواطنات: إن القهر السياسي الذي تفاقم في السنين الأخيرة حارما الشعب التونسي حتى الآن من حقه في ممارسة السيادة واختيار من يمثله بحرية ونقد المسؤولين دون خوف من عقاب واضطهاد، إن هذا القهر ما كان إلا لحماية مصالح الأقلية البورجوازية التي تتولى حراسة المصالح الأجنبية في تونس وتنفيذ برنامج الخراب الاقتصادي والاجتماعي الذي حول حياتنا إلى جحيم وهم يسمونه كذبا وكما أملاه عليهم أسيادهم في واشنطن ولندن وباريس "برنامج الإصلاح الهيكلي". إن جماعة 7 نوفمبر يحاولون إقناعنا بأن "اقتصاد تونس بخير" بفضل هذا البرنامج ويستدلون على ذلك بشهادات أقطاب الاستغلال والنهب الدوليين في البنك العالمي وصندوق النقد الدولي. ولكن إذا كان الاقتصاد بخير فلماذا تتفاقم المديونية وبالتالي رهن البلاد لدى المؤسسات الأجنبية ولماذا يتواصل التفريط في المؤسسات العمومية التي شيدت بمال الكادحين وعرقهم لحفنة من السماسرة والعملاء الجشعين ولماذا تتدنى معيشة المواطن الكادح فلا يكفيه أجره لتوفير أبسط حاجياته بسبب التهاب الأسعار المستمر (وكل عام صابة يشهد ارتفاع سعر الخبز والعجين والزيت) ولماذا يتفاقم الطرد التعسفي والبطالة والتسول وتتردى الخدمات الصحية والاجتماعية خاصة بعد أن أصبحت منقسمة إلى خدمات للأغنياء وأخرى للفقراء ولماذا تتفشى المحسوبية والارتشاء والجريمة وتناول المخدرات والاتجار بها والكحولية؟ ولماذا يزداد تلوث البيئة والمحيط ونقص الخدمات البلدية؟ ويتحدثون عن "العناية بالشباب" ولكن لماذا يلهبون أسعار المواد المدرسية ويحرمون آلاف الطلبة من المنحة والسكن ويطردون عشرات الآلاف من التلاميذ والتلميذات ويشجعون المدارس الخاصة والجامعة الحرة ويدعون أن الدولة "ليس لها إمكانيات" في حين هم يصرفون بسخاء وبلا حساب على وزارة الداخلية؟ ولماذا ينشرون ثقافة المزود والنوبة والراب، ثقافة الدعارة والاستهلاك ويعكرون حياة شبابنا بالرافل ويلقون بعشرات الآلاف منه في جحيم البطالة والجريمة والكحولية والمخدرات وبآلاف البنات إلى جحيم البغاء السري والعلني من جراء البؤس والحاجة رغم كثرة الكلام عن العناية بالمرأة والأسرة؟ ولماذا يحولون الأمل إلى أمل في ربح بروموسبور أو جائزة أو على "جواب صحيح"؟ إن الاقتصاد بخير لا معنى له إلا كون البرجوازية بخير!! أيها الأحرار: القهر السياسي والاجتماعي الذي تعانونه عمقه القهر الذي يمارسه الاستعمار الجديد بزعامة أمريكا ورعاية الحكم الدستوري على بلادنا التي تخلت نتيجة ذلك عن واجباتها تجاه الشقاء المحاصرين في العراق وليبيا وانخرطت في مفاوضات الاستسلام مع الكيان الصهيوني وفتحت أحضانها لكل ما هو متفسخ ومنحط وعدواني في ثقافة الغرب ونمط حياته. والسلطة تحاول التخفيف من وطأة هذه الحالة التي سببتها بعمليات مسرحية تمويهية مثل "الزيارات الفجئية" وتوزيع الصدقات وكثرة الكلام عن المعاقين والمسنين و"ضعاف الحال" لاقية عونا على ذلك لدى المثقفين والصحافيين الذين باعوا ضمائرهم ولدى أحزاب ليس لها من المعارضة إلا الاسم وقادة نقابيين خانوا مصالح العمال. إن الخروج من المأزق ممكن ويرى حزب العمال البداية بـ: 1 – إجراء انتخابات حرة ينبثق عنها مجلس تأسيسي مهمته الأولى سن دستور ديمقراطي للبلاد يضع حدا للحكم الفردي ويضمن سلطة الشعب ويصون حقوقه كاملة على جميع المستويات. 2 - إلغاء برناج الخراب الاقتصادي (الإصلاح الهيكلي) واستبداله بخطة تنموية مستقلة موجهة إلى تلبية حاجيات الشعب وبناء اقتصاد وطني متحرر من التبعية. 3 - إخراج تونس من دائرة النفوذ الأمريكي الفرنسي الغربي وربط مصير شعبها بمصير الشعوب الرافضة لذل التبعية وفي مقدمتها الشعوب العربية. إن حزب العمال يدعوكم على اختلاف اتجاهاتكم إلى النضال سويا من اجل إنهاء الغمة وإحياء الأمل فالأمر مرهون بكم وبجرأتكم على النضال وتمسكم بالحياة الكريمة العزيزة. تسقط الدكتاتورية والحكم الفردي يسقط برنامج الخراب الاقتصادي تسقط الامتيازات.
حزب العمال الشيوعي التونسي 30 أكتوبر 1992

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

معلقة القدس في كف بغداد - للشاعر التونسي ادم فتحي

الاشتراكية أو البربرية : حمة الهمامي

خطير جدا تونس تتحول الى مزبلة نفايات مشعة و معفاة من الاداء الجمركي ..لن نسمح بأن تكون تونس مزبلة نفايات البلدان المتقدمة