حركة النهضة التونسية: مؤشرات التمويل الأجنبي



حركة النهضة التونسية: مؤشرات التمويل الأجنبي
محمد نعمان الحوار المتمدن - العدد: 3350 - 2011 / 4 / 29 المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الدينيراسلوا الكاتب-ة مباشرة حول الموضوع
لعلّ البعض يتساءل بشكل ملحّ: لم الحرص على المراجعة المالية لحركة النهضة التونسية؟ قد لا يجد البعض سببا، فيبدو المطلب وكأنّه مجرد خوف أو هاجس لا مبرر له. الإجابة ردّا على هذا، تنبني على تصوّر يدعي بأن النزاهة الحزبيّة تقوم على الشفافيّة والتجرّد لا على التموّل المتستر والمتصل بشبكات وجهات دولية تحمل غايات قد تكون خطرا محدقا بالمجتمع والوطن. ليس في هذا مصادرة لأي حزب أو اتجاه في تصرفها المالي بقدّر ما هو دعوة إلى الشفافيّة والصراحة، وسعيا إلى تطبيق اللوائح والقوانين التونسية. ضمن هذا النص سأقدّم نقاطا تأشّر تاريخيّا أو قد تأكّد جزما عبر دليل مقنع وجود تمويل أجنبي مشبوه كان سببا رئيسيّا في تفعيل النشاط الحزبي للحركة، وتقديمها على النحو المضخّم الذي تبدو عليه. اعتمدت في هذا على مؤلفات اعتنت بالجانب المالي للحركة، وهي قليلة(1)، لاعتبار أن الحركة تمارس تعتيما هائلا على التصرّف المالي الداخلي والخارجي، فالمسألة المالية في مدى الحركة تعتبر سرّا تنظيميّا لا تعرض أو تناقش بالتفصيل في اجتماعات المكتب التنفيذي، إنّما تقع المحاسبة رأسا مع رئيس الحركة(2). بالإضافة، وقصد طمس أي تتبع للتبرعات التي تصل الحركة، اضطلع القائمون على الميزان المالي باستبدال الأسماء بالأرقام(3) منذ سنة 1986 وعلى اعتبار كلّ هذا، سنسعى ضمن قراءتنا جمع بعض المعطيات المتعلّقة بالوضع المالي للحركة في الثمانينات، وليس الآن، فالمجال الراهن للحركة وإن تطوّر ماليّا فإنه اكتسب قدرة أكبر على التعمية والإخفاء، خاصة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر والتتبع الدولي لمصادر التمويل الإرهابي في العالم.العماد الرئيسي في كتابة هذا النص سيقوم على مؤلف هو في الأصل أطروحة التعمّق في البحث التاريخي بعنوان "حركة الاتجاه الإسلامي بتونس، 1987-1970" للدكتور اعلية علاني تمت مناقشتها سنة 1993 بكليّة الآداب والعلوم الإنسانيّة قسم التاريخ (وحضت بملاحظة حسن جدّا) وتجدر الإشارة ضمن هذا المؤلف إلى اعتماد الباحث نهجا توثيقيا متقدّما عبر تسجيل شهادات حيّة لأبرز وجوه وقياديي الحركة ممّا مثل دفعا هاما إلى معرفة خفايا ودقائق الحركة على الصعيد التنظيمي والمالي بالخصوص. عبد الله عمامي، تنظيمات الإرهاب... ذكر أعلاه، ص 220-221 *** حسن الغضباني (في 07/01/1992) وجه إسلامي بارز في السبعينات وتكمن أهميته في الوساطة التي قام بها مع السلطة لفائدة الحركة سواء في فترة السبعينات أو فترة الثمانينات وكانت لهذه الوساطة نتائج هامة. أصناف السيارات ستكون في الغالب من نوع "جيتا" و"أوبال" وذلك على الأقل بالنسبة لفرع الشبكة المتصلة بألمانيا، لأن الشهيّة تكبر دائما في هذا المجال، والخطوات الأولى الحذرة تصبح أكثر جرأة عندما يتضح أن الطريق معبدة وأن الربح الحاصل وفير. لذلك فإن التوريد من ألمانيا سيضاف إليه توريد من فرنسا ثم من إيطاليا، و في تونس تأخذ السلع مجراها في أسواق موازية وتنتهي أصنافها الثمينة لدى تجار من عائلة التنظيم وأتباعه، بينما يوجه الباقي إلى أسواق التهريب التقليدية، مثل سوق نهج زرقون في العاصمة التونسية.»(14) *الاستثمار الأجنبي: سعت الحركة إلى تكوين بؤر استثمار خارج تونس لتمويل الحركة داخليّا عبر شبكة دقيقة ومخفية. ففي شهادة نجيب العياري**، المشار إليها بالهامش، يقول: «وقد وقع التفكير في مورد مالي ثان كبعث مكتبات لبيع الكتب أو مشاريع اقتصادية أخرى داخل تونس وحتى خارجها وأذكر مثلا أن الحركة اشترت في أواخر السبعينات مطعما بباريس بمبلغ 50 ألف دينار»(13) - التمويل الليبي: علاوة على هذا صرّح عدد من المسؤولين عن شكوك حول تمويل الحركة من طرف الليبيين، ولا يعدّ هذا شذوذا في التوقّع إذا ما علمنا حجم الضغينة التي يحملها معمر القذافي للنهج البورقيبي ولتونس عموما في تلك الفترة. ففي شهادة لمحمد الصياح سنة 1992، وهو من الشخصيات السياسيّة الهامة في الفترة البورقيبيّة وتقلّد عدّة مناصب وزاريّة يقول: «هناك تخمينات وأفكار لدينا كمسؤولين في الدولة خاصة في خلال فترة 1986-1987 تقول بأن هناك دعما ماديّا هاما من ليبيا وأنا شخصيّا كنت متأكدا أن حركة الاتجاه الإسلامي لها تمويلات خارجيّة»(12). يقول حسن الغضبان***: «كنت أسمع عن إعانات وتمويلات تأتي من السعودية بطريقة مباشرة أو غير مباشرة وكان ذلك ضمن التنسيق مع الاتجاه الوهابي الذي كان يباشره على حدّ علمي كلّ من عبد الفتاح مورو والشيخ أبو بكر جابر الجزائري الذي كان يأتي في كلّ صائفة إلى تونس في فترة السبعينات لإجراء عدّة اتصالات مع الحركة. و أعتقد أن التمويلات في الثمانينات تأتي أساسا من السعودية وإيران. وقد حدثني راشد الغنوشي في بداية السبعينات عن مبالغ مالية قدّمها أجنبي عربي إلى الحركة فاستنكرت ذلك إلّا أنه أجابني بأنه يجوز أكل أموال الظالمين»(11) من ناحية أخرى يؤكد العيّاري** على أنّ: «التنظيم الدولي للإخوان هو الذي يشرف في مرحلة أولى على تمويل التربصات التي يقوم بها أعضاء الحركة في الخارج ويتكفّل بكلّ جوانبها من تذكرة السفر إلى الإقامة"(10) عكس ذلك، تبقى مسألة التمويل غير بيّنة، تقوم فقط على الإشاعة، من ذلك «ما شاع من خبر عن تلقي راشد الغنوشي هبة بأربعين ألف دولا من إيران بمناسبة اشتراكه في وفد إسلامي زار العاصمة الإيرانية في مسعى لدعم التضامن مع افغانستان وإغفاله عن تقديم تلك الهبة إلى صندوق التنظيم»(5) وهو ما تسبب في إثارة شقاق بين راشد الغنوشي وصالح كركر (أحد الوجوه القيادية البارزة في الحركة). إلّا أن المسألة برمتها خرجت عن الإشاعة، عبر الكشف عن شيك تسلمه أحد قيادي الحركة وهو الحبيب المكني عن طريق زوجته من السفارة الإيرانية بروما، وقد صرّح عبد الفتاح مورو*، في وقتت لاحق، تعليقا على هذا الحادث، قائلا: «لقد أجبت على هذا في السابق عندما كنت ناطقا رسميّا باسم الحركة وقلت أنه خطأ قام به المكني لأنه لم يتحرّى في علاقته التجارية. فالمكني باع المركز الإسلامي بروما الذي تموّله إيران 2000 نسخة من "المقالات" لراشد الغنوشي وقبض شيكا من السفارة الإيرانيّة بروما وهذا وقع شجبه في الإبان وقد أصدرت بيانا حول هذا الموضوع في جون أفريك في تلك الفترة وطالبت بمحاسبة المكني»(6) العجيب أن الرجل يغفل عن واقع كون موضوع البيع هو مؤلف للغنوشي، وليس لحبيب المكني، ممّا يعني عدم تنزل الصفقة ضمن المعاملات الخاصة إذ الرجل ليس بناشر ولا ممتلكا لحقوق تأليف الكتاب و إنما تتنزل الصفقة ضمن المعاملات المتصلة بالحركة.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ماذا تعرف عن اتحاد الشباب الشيوعي التونسي

الاشتراكية أو البربرية : حمة الهمامي

مبادئ الشيوعية :الى من يظن أن الشيوعية تنشر الالحاد