لهذا نرفض قيادة اتحاد الشغل الحالية
الجيلانيا لهمامي (اللقاء النقابي الديمقراطي) لـ«الشروق»: لهذا نرفض قيادة اتحاد الشغل الحالية
تونس (الشروق):4 فيفري 2011
يعتبر الجيلاني الهمامي من النقابيين البارزين الذين عرفوا في العهد السابق وحتى في عهد بورقيبة التشريد والسجن إضافة الى الطرد من عمله ومن الاتحاد وهو الذي كان رمزا من الرموز المناهضة للاتحاد العام التونسي للشغل في مختلف المراحل.. التقيناه فسحا للمجال أمام جميع الأطراف فكان الحوار التالي:
حاوره: يوسف الوسلاتي
المعروف عنكم أنكم في لقاء نقابي ديمقراطي حررتم عريضة أمضى عليها عدد هام من النقابيين وتتعلق أساسا بالفصل العاشر من القانون الأساسي للاتحاد, الآن وقد تغيرت الأوضاع السياسية في البلاد هل مازلتم تنوون الاستمرار في العمل في اللقاء النقابي الديمقراطي وحول نفس الملف؟
ـ في البداية أريد أن أوضح أنني لست الناطق الرسمي للقاء النقابي الديمقراطي المناضل رغم أنني واحد من مؤسسيه إلى جانب ثلة أخرى من المناضلين.
ثانيا، نحن كلقاء نقابي ديمقراطي وضعنا أرضية نقابية اشتملت على تقييم مشترك للأوضاع العامة التي عليها المنظمة النقابية في تونس من زاوية ثلاثة محاور كبرى في الحركة النقابية هي الاستقلالية والديمقراطية والنضالية كما اشتملت هذه الأرضية على برنامج نضال عرضناه على النقابيين.. ليعلم الجميع أننا جمعنا حوالي 1500 إمضاء وكان من الممكن أن يكون العدد أكبر لو لم نتوقف نحن عن جمع هذه الامضاءات. ولم تكن مسألة الفصل العاشر من القانون الأساسي للاتحاد ومساعي الانقلاب عليه من طرف القيادة الحالية غير نقطة من النقاط الجزئية وردت في باب مقترحاتنا لمواجهة النهج البيروقراطي المهيمن على الاتحاد العام التونسي للشغل.
لكن ولأن القيادة كانت تركز اهتماماتها على تدبير انقلاب على هذا الفصل لتستديم بقاءها في الكرسي القيادي فقد أخذ نضالنا ضد هذا المسعى واجهة الصراع معها. ومع ذلك فإن اللقاء النقابي الديمقراطي المناضل لم يقترن نضاله بهذه النقطة فقط فقد تمكنا من فضح البيروقراطية على الواجهات الأخرى سواء منها المتصلة بمسألة الديمقراطية الداخلية أو التي تتصل بقضايا الشغالين مثل ملف التأمين على المرض أو كذلك ما يتصل باستقلالية القرار النقابي.
ولا يجب أن ننسى أننا كنا محاصرين حصارا مزدوجا من قبل البيروقراطية وكذلك من قبل السلطة التي هبّت لنجدة القيادة بالتضييق علينا وذلك منذ الأيام الأولى أي من مستهل شهر أوت الماضي حيث ضرب البوليس السياسي حولنا مراقبة لصيقة فلفق لي شخصيا قضية حادث مرور مفبرك ووصل الأمر إلى اقتيادي واقتياد الأخ زهير الجويني للبحث في مخافر الشرطة في شهر أكتوبر2010 .
أما في ما يتعلق بالجانب الثاني من سؤالكم حول ما إذا كنا ننوي الاستمرار في نشاطنا فإني أعتقد أن ثورة شعبنا التي انخرطنا فيها من البداية أهدت إلينا اليوم ظروف نضال أسنح وهو ما سنستغله لتصعيد العمل ضد نفس المآسي التي تعاني منها منظمتنا الاتحاد العام التونسي للشغل ومن أجل نفس الأهداف التي تكبدنا من أجلها التضحيات الجسام أيام كانت البيروقراطية تستقوي علينا بالسلطة.
ووضع الاتحاد مازال على حاله ولا شيء تغير فيه، نفس القيادة بنفس المنهج ونفس الاختيارات والأساليب. فكما كانت بالأمس القريب تساند بن علي تعمل تحت أوامره وهنا أذكر بتصريح جراد سويعات قبل رحيله ها هي اليوم تنتقل بسرعة من التبرؤ منه إلى الاصطفاف وراء الحكومة الجديدة عملا بالمثال المعروف «الله ينصر من أصبح» عسى أن تساعدها في الإفلات من المحاسبة من جهة وعسى أن تساندها في الانقلاب على الفصل العاشر من القانون الأساسي الذي خصص له المكتب التنفيذي أحد اجتماعاته هذا الأسبوع .
ولكن الأمين العام صرح في المدة الأخيرة لقنوات تلفزية أنه لا مساس بالفصل العاشر وأنه لن يترشح مجددا لمنصب في القيادة؟
ـ نعم صرّح بذلك ولكن هذا التصريح جاء لتهدئة الخواطر في الأوساط النقابية المستاءة من موقف القيادة من الحكومة الجديدة من جهة علّه ومن جهة أخرى أعلن ذلك دون استشارة بقية أعضاء المكتب التنفيذي الذين صبوا عليه جام غضبهم فلاحت على هذا الهيكل بوادر التصدع والانقسام بسبب هذا التصريح فسارع من جديد إلى طمأنتهم بالقول «أتركوني أصرّح وواصلوا أنتم عملكم كأن شيئا لم يقع»..
ومن جهة أخرى يجب أن يعلم النقابيون أن بعض أعضاء المكتب التنفيذي المعروفين بصلاتهم الوثقى بالأمين العام بدأوا يروجون لفكرة الإبقاء على الفصل العاشر مع ترضية «الغاضبين» والمعارضين بتمكينهم من مقاعد في المكتب التنفيذي القادم في إطار قائمة ائتلافية تضم 6 من المكتب التنفيذي الحالي و7 جدد توزع على كل الحساسيات النقابية المعارضة. ويروج لهذا المشروع عناصر محسوبة على اليسار ولكنها لعبت دوما دور المستشار والمهندس للانقلابات والمشاريع الفاسدة ولكن لا أعتقد أن تمر مثل هذه الأفكار والمقترحات التي سيتصدى لها اللقاء النقابي الديمقراطي بكل تصميم ومبدئية.
ذكرتم منذ قليل أن النقابيين مستاؤون من موقف القيادة من الحكومة الحالية، المتتبعون يعلمون أن هذا الموقف صادر عن الهيئة الإدارية الوطنية التي تضم قطاعات وجهات كثيرة، فلم تنسبون موقف الاتحاد الداعم للحكومة للقيادة؟ وماذا تعلقون على هذا الموقف؟
ـ صحيح أن موقف مساندة الحكومة الحالية نابع من الهيئة اما الحقيقة فهي غير ذلك. نعلم جميعا أن الهيئة الإدارية الاستثنائية قبل الأخيرة طالبت بحل حزب التجمع وحل الحكومة ونادت بتشكيل حكومة انتقالية جديدة لا تضم عناصر من حكومة بن علي ولا عناصر من التجمع ولا رموز من النظام السابق. وكان هذا الموقف يعكس إلى حد كبير الرأي السائد في أوساط النقابيين.
الذي حدث أن الأمين العام قابل فؤاد المبزع بعيد الهيئة الإدارية وعرض عليه تشكيل حكومة جديدة تضم الوزير الأول الغنوشي و3 وزراء ويقع التشاور في البقية عاد ليعرض على المكتب التنفيذي هذا المقترح لكن هذا الأخير لم يتفق حوله وانقسم بين مؤيد ورافض فوضع الأمين العام حدا لهذا النقاش محيلا على موقف الهيئة الادارية السابق والتمسك به.
في الأثناء شنت ميليشيات التجمع هجوماتها على مقرات الاتحاد ناشرة عبر الانترنت مقتطفات من تصريحاته المؤيدة لبن علي ومعطيات حول تورطه في قضايا فساد... عندئذ أيقن الأمين العام أن الدائرة بدأت تدور عليه شخصيا وأنه لا بد من تدبّر الأمر قبل أن تتعقد الأمور أكثر.
وللخروج من المأزق تقدم بمبادرة للتباحث مع كل الأحزاب والجمعيات حاول من خلالها كسب هذه الأطراف لموقف داعم لحكومة. ودام النقاش ثلاثة أيام لينتهي بتباين المواقف بين قطب مؤيد وآخر معارض ما عدا الاتحاد العام الذي أرجأ الاعلان عن موقف بات من المسألة في انتظار انعقاد هيئة إدارية وطنية يوم الخميس 27 جانفي المنصرم. وحتى تسير هذه الاخيرة في موقف الدعم أجرى الأمين العام بمعية بعض أعضاء المكتب التنفيذي الضالعين في مثل هذه الممارسات اتصالات مكثفة مع العديد من أعضائها ضمن بها موافقتهم على المقترح المذكور يوما قبيل انعقادها. وبهذه الطريقة بدا وكأن الأمين العام لا يتحمل مسؤولية هذا الموقف والحال أنه كان أعطى تطمينات للوزير الأول بجر الهيئة الإدارية في الاتجاه المخطط له من ناحية وغالط عددا من الأحزاب واتفق مع الحكومة على تشويه موقف الهيئة الإدارية بالادعاء أن هذه الاخيرة تساند الحكومة التي لم يعلن عنها إلا ساعة بعد اختتام أشغالها. وعملا بعادة الخطاب المزدوج صرح للنقابيين أنه مستاء من عدم تشاور الحكومة في بقية تشكيلة الحكومة ولكسب ود المعتصمين في القصبة أصدر بيانا مساندا لهم فيما بعث بعض أعضاء القيادة لأقناعهم بفك الاعتصام عارضا على بعضهم مبالغ مالية هامة وواعدا بتنظيم حفل استقبال على شرفهم وتوفير حافلات لنقلهم. فكما ترون استعمل الأمين العام وفي بحر 48 ساعة أربعة خطابات متناقضة لكل طرف خطاب لغرض واحد وهو وقف الحملة التي نظمتها ميليشيات التجمع ضده ولئلا تتطور الأمور ضد شخصه خوفا من المحاسبة وما قد يتبعها من إجراءات أخرى.
كثير من النقابيين لا يعلمون هذه الحقائق ومع ذلك هم مستاؤون من الموقف وينتابهم شعور بالغضب والغبن لأنهم يعتقدون ان الاتحاد الذي كان في نظرهم مبوّأ ربما أكثر من غيره لمساندة موقف الجماهير التي نادت بإسقاط الحكومة وحل الحزب الحاكم التجمع قد خذلهم وخذل الثورة بل طعنها في الظهر.
مهما كان من أمر، الآن وقد حصل ما حصل، ما هو برنامجكم النقابي في المستقبل؟ وماذا ستطرحون على المدى المنظور؟
ـ نحن سنواصل نضالنا ضد البيروقراطية النقابية محاولين على الدوام جمع جهودنا مع كل القوى النقابية في الاتحاد. فنحن مازلنا مصرين على تحويل الاتحاد إلى منظمة مستقلة في قراراتها عن السلطة ولا تتلقى تعليمات من أي طرف كان في الحكم أو خارجه ومازلنا أيضا مصرين على تغيير خط المنظمة من خط تفريطي ومهادن إلى خط منحاز للشغالين وقضاياهم المادية والمعنوية وكذلك القضاء على نظام التسيير النقابي والمالي والاداري البيروقراطي المركز الخاضع لسلطة الامين العام ونواة ضيقة من القيادة توظف المنظمة لخدمة صالحها الخاص واستعمالها كأداة ضغط من اجل جني المنافع المادية والعلاوات والامتيازات الأخرى.
سنعمل مع كل النقابيين الذين همشتهم البيروقراطية وأقصتهم ، هؤلاء جميعا الغيورون على المنظمة سنعمل معهم من أجل رص أوسع جبهة تعمل من أجل تخليص الاتحاد من الفريق القيادي الحالي والمورطين في كل ضروب الفساد. .
وما هو بديلكم؟ ثم كيف ستحققون ذلك؟
ـ الاتحاد يزخر بالطاقات المناضلة على خلاف ما كانت البيروقراطية تروجه من فزاعات مفادها ان التمسك بالفصل 10 من القانون الأساسي من شأنه أن يفقد الاتحاد خبرات ويرمي به للفراغ والمجهول. هذه الطاقات من داخل الهياكل ومن خارجها، الذين ناضلوا بحق وخبروا كل أشكال العمل النقابي من تعبئة وتفاوض وقيادة إضرابات وغيرها بمقدورهم أن يوفروا للاتحاد قائمات وقائمات من القيادات الوطنية قادرة على الارتقاء بدور الاتحاد ومردوده لصالح العمال والوطن.
وقد عرف كيف يتجاوز الأزمات والفترات الانتقالية إبان أزمة 26 جانفي 78 وأزمة 85 وعاد للنشاط وأعاد بناء هياكله واستعاد مكانته لو لا عودة البيروقراطية في كل مرة على رأسه.
مؤسسات الاتحاد، وخاصة المجلس الوطني والمؤتمر العام من الآليات التي بمقدورها أن تؤمن معابر لإعادة الأمور إلى نصابها ويمكن التشاور في ذلك بواسطة ندوة وطنية ممثلة وديمقراطية تساعد على بلورة رؤية وضبط مسار العمل من أجل ذلك.
لو سلمنا جدلا بما تطرحون، هل ستقبلون بالاحتكام إلى مؤتمر وطني استثنائي أو عادي لإعادة الأمور إلى نصابها كما أشرتم؟
ـ بطبيعة الحال لا أظن أن هناك نقابيا نزيها ومتماسكا يقبل أن يأتي للاتحاد في جبة الغازي. فالانقلابات مرفوضة ولا يمكن أن تمر في الاتحاد لأن من يريد تنصيب نفسه باسم النضال ضد البيروقراطية لا يختلف في جوهره مع البيروقراطية ولا يرجى منه خير. .
يروج في الساحة حديث حول هياكل مطعون فيها وتشكيات من تجاوزات بصدد مؤتمراتها كيف ترون معالجة هذه الوضعيات إن صح الحديث عنها؟
ـ صحيح أن هناك الكثير من الطعونات في الكثير من المؤتمرات والتشكيلات خاصة القاعدية لعل أشهرها مؤتمر نقابة الخطوط الجوية التونسية التي يطول الحديث بخصوصها. وهناك الكثير من الحالات التي طبق فيها القانون بمكيالين مثال ذلك أعضاء الجامعات القاطنون خارج تونس العاصمة
تعليقات
إرسال تعليق