ماذا تعرف عن اتحاد الشباب الشيوعي التونسي
يمثل الشباب في بﻼدنا قوة هائلة من مجموع السكان وبواسطته تدور عجلة اﻹستغﻼل الرأسمالي وبالمقابل يتحمل تبعات إختيارات النظام في جميع المجاﻻت السياسية واﻹقتصادية واﻹجتماعية والتربوية وﻻ يجني منها غير الفقر والبطالة والتهميش والتجهيل والتفسخ والتحلل اﻷخﻼقي .إن الشباب بمختلف انتماءاته الطبقية يعيش في ظل السلطة الفاشية الدستورية ظروفا مادية ومعنوية صعبة للغاية .فهذا العامل منه يتحمل أشد وتائر اﻻستغﻼل وأشكال التعسف والقهر ويحرم من أبسط الحقوق في الحماية والتغطية اﻻجتماعية واستقرار العمل مقابل أجر زهيد ﻻ يغطي أبسط احتياجاته اﻷساسية للعيش .وهذا البطال ضحية سياسة التعليم اﻻنتقائية لفظته المدارس والمعاهد والكليات يجد نفسه في الشوارع فيضطر للسكر وتعاطي المخدرات واﻹجرام .وهذه الفتاة تعاني اﻻضطهاد كامرأة في مجتمع رجالي ينظر للمرأة كوسيلة إنجاب وأداة للمتعة والتسلية .وهذا التلميذ قد حرم من ّ حقه في التعليم المجاني يضطر وفي أحسن اﻷحوال ﻹيجاد قسط من المال يدفعه للبرجوازية لتسكن به جشعها وفوق ذلك كله فهو عرضة وفي للطرد من جراء سياسة اﻻنتقاء .وهذا الطالب قد ازداد وضعه المادي والدراسي سوء في المبيت والمطعم وفي فصل الدرس، فهو محروم من المنحة ويتكبد كلفة عالية للترسيم وﻻقتناء لوازم الدراسة وتأمين المبيت واﻷكل والتنقل عﻼوة على أنه محروم من حق النشاط والتعبير وعرضة للتعسف بكل ّ أشكاله ومهدد بمستقبل ﻻ يخبئ له إﻻ البطالة والتهميش والضياع. إن الظروف المادية الصعبة التي يتخبط فيها شبابنا اليوم جعلته يتقد حيوية ونشاطا ضد الطغمة العميلة الحاكمة، ّوجعلته يشعر أكثر من السابق أن خﻼصه الوحيد ﻻبد أن يمر عبر القضاء على سلطة الفاشية الدستورية. ّغير أن النضال وحتى يكون فعاﻻ وحتى ي ّ سدد للفاشية الضربة الساحقة وفي اللحظة المناسبة ﻻبد له من أداة وهذه اﻷداة ليست سوى تنظيم ثوري في مستوى النضال الثوري الذي طرحه شبابنا على نفسه. وتاريخ حركة الشباب في بﻼدنا يبين أن شبابنا كان يفتقد لهذا التنظيم الثوري ولهذه اﻷداة لذلك كان عرضة للتنظيمات التبعة للفاشية الدستورية "الشبيبة البورقيبية "و "الشبيبة الدستورية... "الخ. وكان كذلك عرضة للتأطير الفاشي الظﻼمي :فالفاشية الظﻼمية وبحكم غياب البديل الثوري وجدت التربة الخصبة لتقدم بديلها الظﻼمي لشبابنا ودفعت به نحو حلول غيبية مستغلة عوامل اﻹيمان والفراغ الفكري والضياع النفسي والخصاصة المادية. غير أن هذه اﻷطر –وبحكم طبيعتها- ﻻ تعبر حقيقة عن مصالح الشباب وبالعكس عملت على تمييعه وحاولت صرفه عن مسار نضاله الصحيح .وهو ما دفع شبابنا اليوم للشعور بأنها لم تقدم له أي شيء وأن وضعيته ازدادت سوءا وتدهورا لذلك فقد هجرها و"طلقها "بحثا عن بدائل ثورية تساعده على النضال من أجل حقوقه المباشرة والبعيدة .إن ميﻼد اتحاد الشباب الشيوعي التونسي نقلة نوعية في تاريخ حركة الشباب التونسي ﻷنه بفضله سيقطع نهائيا مع وضع العفوية واليتم السياسي التي طالما تخبط فيها سابقا وسيكون ّ نضاله ضد أعداء الشعب والحرية منظما وممنهجا .تأسس اتحاد الشباب الشيوعي التونسي لقيادة وتنظيم شبابنا الذي أكد أنه يزخر بالطاقات الثورية وإخراجه من اﻻنحراف والهامشية ومن كل التيارات اﻻنحﻼل والتمييع ومن سيطرة اﻷفكار الغيبية والظﻼمية وإدخاله في معركة النضال الوطني واﻻجتماعي لجماهير شعبنا ليفجر مخزون نقمته على النظام الدستوري الرجعي ويساهم مز موقعه في تحرير شعبنا من نير اﻻستغﻼل والقهر البرجوازيين.
>طبيعة اتحاد الشباب الشيوعي التونسي
<>إن اتحاد الشباب الشيوعي التونسي تنظيم جماهيري يعمد إلى تعبئة كافة الشباب الديمقراطي والمعادي لﻺمبريالية، كافة الشباب التواق للعدل والحرية وذلك من أجل أن تساهم حركة الشباب في المسار الثوري العام في البﻼد من أجل التحرر الوطني واﻹعتاق اﻻجتماعي. فاتحاد الشباب الشيوعي التونسي إذا ليس حزبا إنما هو إطار نضال جماهيري يعمد إلى تنظيم وتعبئة إحدى فئات الشعب حول الطبقة العاملة ونعني الشباب. واتحاد الشباب لكونه ﻻ يمثل حزبا فإن مقاييس اﻻنتماء إليه عن مثيلتها في الحزب .إذ أنه مفتوح لكافة الشباب الديمقراطي المعادي لﻺمبريالية، لكافة الشباب التقدمي، التواق للعدل والحرية .وهذه الخاصية هي التي تجعل منه تنظيما جماهيريا ﻻ تنظيما نخبويا ومنعزﻻ عن جماهير الشباب. جاء في مقال لحزب العمال الشيوعي التونسي تحت عنوان "الشباب والثورة "ما يلي : .."إن كون اتحاد الشباب الشيوعي إحدى تنظيمات الحزب الهادفة إلى توحيد بعض فئات الشعب حول الطبقة العاملة ونعني الشباب وإن كون هذا اﻻتحاد شيوعيا ﻻ يعني مطلقا أن تكون له مواقف إقصائية إزاء باقي الشباب ...لذلك فإن اتحاد الشباب الشيوعي ﻻ يهدف إلى تنظيم الشباب الشيوعي فحسب وبالتالي التحول إلى تنظيم نخبوي يبني نفسه ويستقطب أعضاءه على قاعدة نظرية صرفة )اعتناق الشيوعية (ويغيب العامل أي اﻻستعداد للنضال والتضحية والذي يبقي العامل الحاسم واﻷهم، فاتحاد الشباب الشيوعي يهدف إلى تنظيم الشباب حيث كان >
"...، يقول ديمتروف " :إن مﻼيين الذين خلق لهم المجتمع الرأسمالي ظروفا معاشة ﻻ تطاق والذين إما أن يكونوا خارج كل تنظيم أو أنهم ينتمون إلى منظمات يسيطر ‘ليها العدو الطبقي، هم أشقاؤكم وشقيقاتكم، الذين بوسعكم أنتم أن تجذبونهم إلى جانب اﻻشتراكية بعملكم العنيد"... إن غاية اﻻتحاد ليست تجميع الشباب في حد ذاتها بل هو تجميعهم من أجل المساهمة الفعلية في إنجاز الثورة القادمة ببﻼدنا التي ستحرره من اﻻستغﻼل البرجوازي اﻹمبريالي والتي ستوفر له أفضل ظروف العمل والدراسة واﻹبداع في كل مجاﻻت اﻹبداع الرياضي والفني والعلمي والتي ستفتح له آفاق التطور والمساهمة في بناء مجتمع متقدم ومتحرر.
أهم أهداف اتحاد الشباب الشيوعي :
اتحاد الشباب الشيوعي ككل التنظيمات له أهداف يعمل على تحقيقها : تنظيم كافة الشباب حيثما وجد وتمكينه من أطر وبرامج النضال الملموس. المساهمة في نضال طبقات وشرائح وفئات الشعب اﻷخرى من أجل التحرر الوطني واﻻجتماعي وإرساء نظام ديمقراطي تقدمي لصالح الشعب وبناء مجتمع خال من اﻻستغﻼل والقهر والميز بكل أشكاله مجتمع عادل ومتحرر ومتطور يوفر الحرية والرفاه للجميع. أما في الظرف الراهن فإن اتحاد الشباب الشيوعي التونسي يدعو كافة الشباب التونسي لﻼلتفاف حول المطالب واﻷنشطة التالية : مقاومة ظاهرة البطالة بالدفاع على حق الشغل. المطالبة بمنحة بطالة ومجانية العﻼج والشغل والخدمات الثقافية والترفيهية للعاطلين عن العمل. مقاومة مناهج التعليم المسقطة والمنافية لمصالح الطلبة. المطالبة بتحسين المنحة والخدمات الجامعية )سكن - أكل - نقل(... التمسك بحق النشاط النقابي والسياسي وإخﻼء الحرم الجامعي من البوليس والمطالبة بإيقاف حمﻼت التعسف ضد الطلبة. النضال من أجل تكريس مجانية وإجبارية التعليم وديمقراطية وتقدمية مضامينه. النضال من أجل عمل وأجر متساويين بين الفتيان والفتيات. مقاومة حمﻼت "الرافل "والمداهمات والتفتيش. حق الشباب في بعث منظماته ونواديه وفرقه للنشاط النقابي والسياسي واﻷدبي والفني والموسيقي. من خﻼل هذه المطالب نﻼحظ أن اتحاد الشباب يراعي حاجيات الشباب اﻵنية والبعيدة.
أعداء اتحاد الشباب الشيوعي :
نجد في العدد 2 من نشرية "إلى اﻷمام "اللسان المركزي اتحاد الشباب الشيوعي التونسي ما يلي " :أيها الشباب إن عدونا منظم :البرجوازية منظمة، بنت الدولة حسب مقتضيات مصالحها وأحكمت تنظيم أجهزتها التنفيذية ) حكومة ووﻻيات ومعتمديات وعمادات (...والتمثيلية )برلمان ومجالس بلدية وقروية وحجرة ثانية للبرلمان ( وقضائية )محاكم وكل ما يرتبط بها من أجهزة ذات صلة (بل ووضعت كل هذه اﻷجهزة تحت سيطرة حزبها الحاكم الذي بات يتداخل مع اﻹدارة ويسيرها . ّ ومع مجيء بن علي للحكم طور هذا التنظيم باتجاه مزيد التحكم فيه واستغﻼله لصالح نظام حكمه ومن أجل استمرار فريقه الحاكم أطول ما أمكن في السلطة .لذلك أخذت الدولة طابعا أكثر قمعيا أصبح فيه للبوليس السياسي بمختلف فرقه واختصاصاته دورا كبيرا ومكثفا في الحياة العامة في البﻼد .وإلى جانب ذلك بعث عدة أطر أخرى لتأطير الناس وجمع المعلومات حولهم ومراقبة حركاتهم وسكناتهم واﻹلمام بكل ما يجري في أي مكان كان .ومن هذه اﻷطر الجديدة لجان اﻷحياء التي يعقد لها ندوة سنوية بعد أن عمم وجودها رغم أن انبعاثها كان ببادرة من مواطنين ديمقراطيين وﻷغراض غير اﻷغراض التي وضعها لها النظام مثلها مثل لجان العمارات "السنديك ." ّ وإلى جانب هذا طور التعاون اﻷمني والعملي بين ُ شعب الحزب الترابية والمهنية وبين فرق البول ﱡ يس المختلفة حتى غدت الشعب تلعب تقريبا نفس اﻷدوار :تراقب الناس وتفرض عليهم اﻻنخراط وتصنفهم حسب أفكارهم وتكتب فيهم التقارير وتتدخل في أنشطتهم إما ﻻفتكاكها أو لتكسيرها. وبصورة موازية مع ذلك تعمل السلطة ضمن مخطط شامل على الهيمنة على كل المنظمات والجمعيات القديمة منها ذات التاريخ والتقاليد التاريخية )اتحاد الشغل واتحاد الطلبة واتحاد اﻷعراف ورابطة حقوق اﻹنسان وغيرهم (أو الجديدة منها)منظمة حماية المستهلك وغيرها .(...والهدف واحد ومعلوم وهو تسخير كل هذه اﻷطر المتنوعة والمتشابكة للتحكم في المجتمع والمواطنين لمنع كل حركة معارضة تهدد استقرار الوضع لفائدة البرجوازية الحاكمة.
وبطبيعة الحال فإن كل من تحدثه نفسه تحدي هذا المسعى وإصراره سواء على ممارسة حقه في التعبير عن أفكاره باستقﻼلية عن دولة البرجوازية ومختلف أجهزتها وأدواتها التنظيمية أو على ممارسة حقه في التنظم في جمعية أو حزب خارج عن إرادتها أو بصورة معارضة لها أو التظاهر لﻼحتجاج على ما يرفضه في قراراتها واختياراتها فمصيره القمع والمﻼحقة والطرد من العمل والسجن وفبركة القضايا والتعذيب حتى الموت أحيانا. إن البرجوازية الحاكمة في بﻼدنا استخلصت من تجربة البرجوازية العالمية دروسا كثيرة في مضمار حماية سلطتها للحفاظ على الحكم وما يوفرها لها من امتياز مادي واجتماعي وأيديولوجي حتى باتت تتمتع بحس سياسي دقيق ومتطور يجعلها تستشرف المستقبل وتستبق اﻷحداث لتتخذ اﻹجراءات الوقائية لحماية نظامها .وفي هذا اﻹطار ﻻ تكتفي بحزبه ﱠ ا الحاكم فقط بل تبعث أحزابا ليبرالية ورجعية أخرى تمثل منها تشكل البدائل المحتملة للتناوب على الحكم في صورة ما إذا انفجرت اﻷوضاع وثارت جماهير الشعب على حزبها الحاكم. إن الدور الذي تضطلع به اﻷحزاب البرجوازية الرجعية الكرتونية ﻻ يختلف عن الدور الذي يقوم به التجمع "الدستوري الديمقراطي ."ولقد خبر الشعب التونسي هذه اﻷحزاب التي وقفت دوما سندا للحزب الحاكم ودعمت كل خياراته وقرارته وتحولت إلى مجرد حوانيت احتياطية للتجمع رغم اﻷسماء المختلفة وما تدعيه من معارضة له .هؤﻻء هم أعداء الشعب التونسي، هؤﻻء هم أعداء حرية الشباب في تنظيم صفوفه، هؤﻻء هم أعداء اتحاد الشباب الشيوعي التونسي بصفته التنظيم الثوري الذي يريد تنظيم نضال الشباب في تونس لتحقيق طموحاته وبصفته واحد من التنظيمات التي يمكن للشباب التونسي أن يبعثها.
ردود على تهم وتشويهات :
تعرض اتحاد الشباب على امتداد مسيرته النضالية إلى عدة تشوبهات من أطراف كثيرة لكل منها منطلقاته وأغراضه الخاصة .وﻻ نريد هنا التركيز على التشويهات التي تريد دوائر السلطة )إدارات ودوائر قضائية وبوليسية (...ّترويجها بكونه تنظيما شيوعيا ومتطرفا ومياﻻ للعنف وربما حتى اﻹرهاب، كما ﻻ نريد التركيز على تشويهات جماعة "النهضة "ﻻتخاذ الشباب على أنه مجموعة من الملحدين ومن دعاة الفساد اﻷخﻼقي ومشاعة المرأة والحرية الجنسية وما إلى ذلك من تهم وتشويهات التي ﻻ أساس لها من الصحة. إننا نريد أن نركز أكثر على التهم التي يريد عناصر من اليسار وبعض من يطلق على أنفسهم صفة "اليسار " و"الديمقراطية "و"اﻻستقﻼلية ."وأبرز هذه التهم هي القول بأن اتحاد الشباب يريد دوما الهيمنة على النشاط الشبابي وتقزيم دور التيارات اﻷخرى .وقد راجت هذه التهمة كثيرا خاصة في أوساط الحركة الطﻼبية إبان إنجاز المؤتمر 18 الخارق للعادة للمنظمة الطﻼبية .ويستند في ذلك أصحاب هذه التهمة إلى بعض المحطات التي يشتد فيها الصراع بين مختلف التيارات السياسية والنقابية في الجامعة وخاصة كلما تعلق اﻷمر بانتخابات أو بالنقاش حول نسب توزيع مواقع التمثيل في هياكل اتحاد الطلبة. ونود أن نشير في بداية الرد إلى أن الغالبية العظمى ممن نشط في ترويج هذه التهمة والدعاية لها لم يعمدوا إلى ذلك في الحقيقة بدافع مبدئي ونزيه ومن منطلق غيرتهم على استقﻼلية المنظمة الطﻼبية أو من موقع حرصهم على نمط ديمقراطي في التعامل بين مكونات الحركة الطﻼبية وتعبيراتها النقابية والسياسية .لقد كانت أغلب الموجات التي ظهرت في الهجوم على اتحاد الشباب بمثل هذه التهمة تحركها أوساط في السلطة أو وجوه تتقرب للسلطة وتعرض خدماتها عليها لقضاء مآرب خاصة .وقد ﻻحظنا دوما أن التركيز على هذا الفصل من اﻻنتقادات كلما اتبع اتحاد الطلبة موقفا متجذرا ونشيطا بخصوص مطلب أو تحرك طﻼبي وبرز في هذا السلوك المبدئي مناضلو اتحاد الشباب .فكلما حصل ذلك تنطلق حملة التشويه وتتكثف حمﻼت الدعاية والهدف معروف هو إرباك قيادة المنظمة الطﻼبية وبث الشكوك بين أعضائها والضغط على من ليست لهم صلة باﻻتحاد الشباب ﻹعﻼن تباينهم مع زمﻼئهم في هياكل المنظمة وبالتالي اختﻼق خﻼفات ومعارضة المطالب والتحركات أي في النهاية تكسير الحركة من الداخل. وقد أدت مثل هذه الحمﻼت في في أحيان كثيرة على مغالطة العديد من مناضلي اليسار الذين ينساقون وراء هذه الدعاية حتى يسقطوا في النهاية ومن حيث ﻻ يشعرون في البداية ثم وبوعي منهم تحت تأثير السماسرة ومحترفي السياسة و" ّ القوادة "للنظام .ونحن نعلم اليوم أن أبرز الوجوه التي نشطت في السابق مثل هذه الدعاية قد تحولوا اليوم وعلى المكشوف إلى زبانية يتمسحون على أعتاب السلطة منهم من نال جزاء على صنيعه ومنهم من لم يفز حتى بخفي حنين. كما أدت مثل هذه الدعايات في أحيان كثيرة بالتوازي مع القمع وأصناف الضغوط اﻷخرى إلى ارتباك مناضلي اتحاد الشباب أنفسهم الذين بعد طول مقاومة يساورهم الشك تحت استمرار حمﻼت التشويه والهرسلة فينتقلون إلى مراجعة مواقفهم من زاوية التنازل للضغوط وتليين مواقفهم والتبرؤ من اﻻنتماء للظهور بمظهر اﻻستقﻼلية ّ والتباين مع اتحاد الشباب وكانت هذه نهاية الكثير منهم سيئة ولم ينجو من ذلك إﻻ القليل.
إن تفسخ عديد عناصر اليسار سواء من مناضلي اتحاد الشباب أو من غيره من التيارات اﻷخرى هو في النهاية خسارة للفكر التقدمي والديمقراطي ولليسار بالذات وكسب للسلطة وللسماسرة الذين استغلوا ذلك لنيل بعض المواقع اﻹدارية والسياسية في جهاز الدولة أو في منظماتها وديكورها السياسي والجمعياتي. إن اتحاد الشباب ﻻ يذيع سرا حين يقول أنه يعمل فعﻼ من أجل كسب أوسع عدد من المناضلين والجماهير إلى صفوفه، وهو أمر مشروع وﻻ يمكن أن ينازعه أحد في هذا الحق وهذا المطمح، تماما كما هو من حق أي تنظيم آخر أن يعمل من أجل ذلك أيضا .فاتحاد الشباب ليس محايدا وﻻ يدافع على اﻻستقﻼلية وﻻ يعادي مبدأ التنظيم بل يدرك أهميته ويقدر دوره ويحرص ‘لى أن يتقدم في نشر الوعي بضرورته ودفع الطاقات المناضلة إلى تكريسه وتجسيمه عمليا .وبطبيعة الحال يحرص اتحاد الشباب على أن يكون خطه ثوريا ونقيا وعلى أن تكون تكتيكاته واقعية ومرنة وتتﻼءم مع حالة الوعي وقادرة على تطويرها نحو أهداف جديدة وأرقى حتى تكون شعاراته ذات طاقة تعبوية ونافذة في أوسع الجماهير الشبابية. واتحاد الشباب يرحب بكل المجادﻻت التي يمكن أن تفتحها معه تيارات اليسار اﻷخرى ﻷنه على يقين من صواب ما يقترحه على الشباب من برامج وخطط للنضال وﻷنه يقدر أهمية الصراع الفكري الديمقراطي المبني على مقارعة الحجة بالحجة واﻻستفادة المتبادلة كطريقة لمزيد تدقيق أطروحاته ومواقفه .وهو في ذلك ﻻ يخاف أن يهيمن هذا التيار أو ذاك على الحركة ﻷن الواقع سيفرز اﻷجدر وسينصف اﻷحق باﻻحترام والبقاء والتطور . ومما ﻻشك فيه أن يصبح اتحاد الشباب تنظيما قويا ومنتشرا أو أن يصبح أي تيار يساري أو حتى ديمقراطي كذلك فهو أمر في صالح حركة النضال ومن شأنه أن يمكن الشباب من فرض مكاسب هامة مهما كانت جزئية وذلك أفضل أن تأتي عصا القمع على اتحاد الشباب لتطال فيما بعد الجميع لتعود الحركة لنقطة الصف. ألم يتساءل الذين يناصبون اتحاد الشباب العداء في صالح من جرى كل ذلك خﻼل العشرية الماضية ؟ أهو لصالح الحركة الثورية والتقدمية في بﻼدنا أم لصالح الرجعية ؟ ألم يدرك الذين يخالفون اتحاد الشباب الرأي والذين لطالما ادعوا عليه بالهيمنة وشوهوه بكل التشويهات أن إضعافه بالقمع والمﻼحقة وكل صنوف التعسف لم يؤدي ف ّ ي الجامعة التونسية مثﻼ إﻻ لﻼمباﻻة وانتشار قيم الفردانية والخنوع والتفسخ واﻻستقالة ولم يستفد منه إﻻ الطلبة الدساترة والسلطة ؟ إن اتحاد الشباب ﻻ يدعي امتﻼك الحقيقة وحده ويدرك أن الصراع الطبقي في بﻼدنا تماما كما هو اﻷمر في شتى أنحاء العالم يفرز بالضرورة أفكارا ورؤى متنوعة بل وحتى متناقضة .لذلك يعتقد انطﻼقا من صحة رؤية الماركسية اللينينية أن الصراع الفكري الديمقراطي هو غربال الفرز الحقيقي وهو الذي سيرجح الكفة لﻸجدر بها . ومن هذا المنطلق يحرص وﻻ يزال يحرص على أن يتعامل على هذه القاعدة مع غيره من التعبيرات السياسية والنقابية الشبابية الديمقراطية بل ويذهب لدعوتها على تكتيل الصفوف ﻹنجاز المهمات المشتركة ضد اختيارات الدولة وأذنابها وكل الذين يبشرون الشباب والمجتمع التونسي بنظام قمعي وديكتاتوري.
تعليقات
إرسال تعليق