صوت الشعب اللسان المركزي لحزب العمال الشيوعي التونسي: مصطلحات الثورة

مصطلحات الثورة

يرفع الشعب التونسي جملة من الشعارات تحاول الدعاية الرسمية التشويش عليها بجملة من المغالطات والتشويهات لبثّ الغموض حولها ولصرف انتباه الجماهير عنها ولزعزعة القناعة بأحقيّتها وصدقها. ومن هذه الشعارات:

1 – المجلس الوطني لحماية الثورة:

أ - تعريفه

هو هيئة تمثل كل الفعاليات المناضلة التي تتبنى أهداف الثورة ومنخرطة في النضال من أجلها كل من موقعه وحسب طاقته ووسائله وفي مجال اختصاصه ووجوده. وهذه الفعاليات هي الأطر والمواقع التي تنظمت فيها قطاعات وشرائح وأصناف اجتماعية ومهنية من أبناء الشعب، الأحزاب السياسية والجمعيات والمنظمات واللجان والمجالس والرابطات والمنتديات بما في ذلك المجموعات الناشطة على شبكة الأنترنيت.

هذه الهيئة تتركب من ممثل أو ممثلين عن كل فعالية من هذه الفعاليات تنادت بطواعية وتلقائية إلى الاجتماع والحوار ولبعث هذه الآلية التي دون اللجوء إلى الانتخابات تشكل نوعا من الإطار النيابي الممثل لشرائح واسعة من الشعب، وخاصة الشرائح الناشطة والفاعلة في الحياة السياسية. ولم تلجأ هذه القوى لانتخاب "المجلس الوطني لحماية الثورة" لسببين، أولهما لأن الظروف العامة لا تسمح بعد بإجراء انتخابات. وثانيا بسبب غياب قانون انتخابي جديد يؤطر العملية الانتخابية، لأن القانون الانتخابي القديم غير ديمقراطي وقد جمّد العمل به. فالقانون الذي اعتمدته هذه الهيئة هو التوافق بين أعضائها على أرضية سياسية مشتركة حول مطالب وأهداف الثورة.

ب - صلاحياته

"المجلس الوطني لحماية الثورة"، وفي غياب هيئات منتخبة ولأنه يضم كل القوى، يتمتع بالصلاحيات التي تتمتع بها الهيئات الممثلة التي تستطيع استصدار الأحكام القانونية الرسمية التي تستوجبها الظرفية الانتقالية. لذلك من صلاحيات المجلس إصدار القوانين المؤقتة لسد الفراغ إلى غاية انتخاب هيئة جديدة شرعية تستمد شرعيتها من صندوق الاقتراع. وإلى جانب إصدار القوانين الوقتية فإن المجلس باعتباره الهيئة الأكثر تمثيلية، بل الهيئة الممثلة الوحيدة في الظرف الراهن، له حق مراقبة كل الهيئات المكلفة بتنفيذ القوانين التي يصدرها. وأولى هذه الهيئات التنفيذية هي الحكومة المؤقتة. ومراقبة الحكومة تعني أن يصادق المجلس على القرارات والتعيينات والإجراءات التي تتخذها لتنظيم وتصريف الشؤون العامة طوال الفترة الانتقالية.

وعلاوة على ذلك يمكن للمجلس أن يبعث بعض هياكل التفكير والدراسة مثل اللجان التي تدرس وتقترح مشاريع قوانين (دستور، قوانين أخرى) لتكون جاهزة وتعرض على المجلس التأسيسي الذي ستفرزه الانتخابات القادمة. وتكون هذه اللجان تحت نظر المجلس، يعيّنها ويتابع أعمالها ويحدّد صلاحيّاتها ومجالات اختصاصها.

ج – مدته

تمتد مدة وجود المجلس على طول الفترة الانتقالية أي من تاريخ بعثه (بعد سقوط نظام بن علي) إلى يوم تنظيم الانتخابات العامة القادمة. وبانتخاب مجلس نواب جديد ينحل مجلس حماية الثورة من تلقاء نفسه لأنه بوجود مجلس نواب جديد لم يعد هناك من مبرر لوجوده. فمجلس النواب الجديد، الذي تنبثق عنه حكومة جديدة، يصبح إلى جانب الحكومة مع جملة من المؤسسات والقوانين الجديدة، المسؤول على حماية مكاسب الثورة وتجسيدها.

د - الاعتراف به

بتشكله يكون المجلس قد حاز على مصادقة واعتراف القوى المكونة له، الأحزاب السياسية المشاركة فيه وقواعدها، والجمعيات ومنخرطيها والمنظمات الجماهيرية كاتحاد الشغل ومنخرطيه وعموم العمال واللجان والمجالس في الجهات والأعضاء والجماهير التي تعمل في إطارها والرأي العام الذي يقبل به. وإلى جانب ذلك حبذا لو تعترف به السلطة، رئيسا وحكومة، إذا كانت فعلا ترغب في تسليم السلطة بصورة سلمية لهذه الفعاليات التي تمثل قطاعات واسعة من الشعب حتى تجنب البلاد أي منزلق نحو التناحر والاقتتال، وهكذا يصبح المجلس حائزا على ما يشبه الإجماع في البلاد.

لكن إذا رفضت السلطة الموافقة على وجود المجلس فإنه سيكون مضطرا لفرض نفسه كأمر واقع بحكم أنه يحظى بموافقة جزء كبير من الشعب طالما أنه يتبنى كل مطامح وأهداف الشعب والثورة. وهو في هذه الحالة يمثل سلطة جديدة موازية لسلطة الحكومة الحالية التي لا تستند لا إلى قطاعات من الشعب ولا تتبنى مطالبه وأهداف ثورته. عندئذ سيتخذ قراراته ويمر إلى تنفيذها وستلقى هذه القرارات موافقة الشعب، سيعين موظفي الدولة (ولاة ورؤساء مديرين عامين وسلكا ديبلوماسيا) سيوافق عليهم الشعب لأنه سيعينهم بناء على موافقة الأحزاب والجمعيات والمنظمات واللجان والمجالس في الجهات، أي سيعين من يحظى بموافقة شعبية. وإذا ما عينت الحكومة ولاة أو مسؤولين آخرين فستتولى اللجان والمجالس الجهوية والأحزاب والجمعيات والمنظمات ومناضليهم طردهم. وهكذا سيفرز الشعب السلطة المقبول بقراراتها من تلك التي لا تحظى بموافقته.

2 – الفترة الانتقالية

أ – تعريفها

هي الفترة الزمنية الفاصلة بين تاريخ سقوط نظام سياسي قديم، له مؤسساته وقوانينه ومسؤولوه ونظام جديد منظم له هو الآخر مؤسساته وقوانينه الجديدة ومسؤولوه الجدد.

الفترة الانتقالية التي تمر بها بلادنا اليوم هي الفترة التي بدأت من يوم 14 جانفي، يوم سقوط نظام بن علي وتفكك أجهزته (حكومة ومؤسسات نيابية وحزب التجمع، إلخ.) وستنتهي يوم تنظيم انتخابات عامة لانتخاب مجلس تأسيسي (برلمان).

ب – خاصيّاتها

من خصائص هذه الفترة أن القوانين والأحكام التي كان الناس يقبلون بسلطتها ويخضعون لها تتوقف عن العمل والنفاذ، وتعوّضها معايير تعامل جديدة يفرضها الشارع. فمثلا حسب القوانين والأحكام القديمة لا يحق لمجموعة من المواطنين التجمّع أو التظاهر في شارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة إلا بموافقة وزارة الداخلية. أما اليوم فقد أصبح من حق كل مجموعة من الناس أن تنزل لهذا الشارع لتعبّر وتتظاهر دون أي ترخيص أو موافقة ودون أن يتدخل البوليس لقمعها ولو عنّ له أن يفعل ذلك لواجهه المتظاهرون للدفاع عن حقهم.

إذن خاصية الفترة الانتقالية هي أن الشرعية تتحول من الأجهزة النظامية القديمة إلى الجماهير الشعبية المنظمة في أحزاب وجمعيات ومنظمات مهنية، إلخ. أو غير منظمة، لتمارس بما تراه صالحا دون أن يمنعها أحد، لا لأن الأجهزة القديمة أصبحت تقبل بذلك (لأن هذه الأجهزة إما أنها انحلت أو أصبحت غير ذات فاعلية أصلا) وإنما لأن إرادة الجماهيرية لم تعد تقبل بالخضوع لتلك الأجهزة والمؤسسات وهذه هي الحالة الثورية.

المرحلة الانتقالية هي إذن مرحلة استثنائية (غير منظمة بالمعنى القديم للكلمة) تعمل حسب التوافق السياسي، أي ما يجتمع عليه الشعب بصورة تلقائية مدفوعا بأحاسيسه ومزاجه وبوعيه وإدراكه وبمطالبه. والمرحلة الانتقالية بصفتها مرحلة استثنائية من وجهة نظر القوانين والأجهزة توفر لنفسها أجهزة ومعايير استثنائية لا تقوم على القوانين القديمة وإنما على ما يتفق عليه الشعب بصورة تلقائية. وهذه هي الشرعية الثورية التي تنبني عليها المؤسسات المؤقتة التي يضعها الشعب في حالته الثورية لتصريف شؤون حياته ريثما يضع أسس النظام الجديد الذي يريده.

3 – الحكومة المؤقتة:

هي حكومة يقع تعيينها بحسب الظروف، إما من طرف من يقوم مقام رئيس الدولة إذا كان هذا الأخير لا يزال يتمتع بصلاحيات دستورية أو من طرف هيئة ممثلة جديدة (المجلس الوطني لحماية الثورة مثلا) أو من طرف قيادة الجيش إذا تسلمت الحكم (مثلما حصل في مصر) لتتولـّى تصريف شؤون الحياة العامّة لفترة محدودة في الزمن ريثما يقع إعادة تنظيم جهاز الحكم من جديد. في حالة أخرى يمكن أن تكون الحكومة المؤقتة، حكومة ثورية مؤقتة ويفترض عندئذ أن تكون هناك قوة أو قوى (جبهة) سياسية هي التي دعت ونظمت وقادت الثورة، وحالما تنجح في الإطاحة بالنظام القديم تنتصب كحكم بديل فتشكل حكومة وتستلم كل دواليب الحكم وتسير الحياة العامة وتعدّ العدّة لتركيز أجهزة النظام السياسي والاقتصادي والاجتماعي البديل. ومعلوم أن هذه الحالة لا تنطبق على ثورتنا الحالية لأسباب يطول شرحها (انظر: الثورة التونسية ، طبيعتها، آفاقها ومعيقات تطورها في صوت الشعب عدد فيفري 2011).

لكن ومهما كان من أمر فإن إعلان حكومة مؤقتة يعني بالضرورة أن النظام القديم قد سقط وأن حكومته قد انحلت وتأتي الحكومة المؤقتة كحل لملأ الفراغ بصورة مؤقتة. تقوم الحكومة المؤقتة بملأ الفراغ السياسي الذي تركه غياب الجهاز التنفيذي للدولة وتتولى تصريف شؤون المواطنين وحفظ الأمن وسلامة الوطن وتسيير الجهاز الإنتاجي والحياة السياسية والعلاقات العامة التي يفترضها نظام التعايش في المجتمع.

ويمكن لها بحسب الظروف أن تتخذ بعض الإجراءات الوقتية المستعجلة من أجل تجاوز أسباب الأزمة التي أدت إلى انهيار النظام (مثل إطلاق سراح المساجين، إطلاق الحريات العامة والفردية بما يتوافق والوضع الأمني، العفو التشريعي، إلخ.).

ومن جهة أخرى تتولى الحكومة بنفسها أو عن طريق آليات أخرى تضعها أو توافق عليها لإعداد الشروط القانونية والسياسية اللازمة للعودة إلى الحياة الطبيعية. بلغة أخرى تتولى، مباشرة أو بصورة غير مباشرة، التحضير لانتخابات عامة لانتخاب هيئات الحكم الجديد (البرلمان إلخ..) ووضع القوانين الجديدة لنظام مستقر. وتنتهي صلاحيات الحكومة المؤقتة بانتهاء المرحلة الانتقالية التي ولدتها.

4 – المجلس التأسيسي

هو برلمان ينتخب بالاقتراع السرّي والمباشر من طرف الشعب. وعادة ما يقع انتخاب المجلس التأسيسي إما لأول مرة في نظام لم يكن يتمتع فيه الشعب بحق التمثيل النيابي تماما أو بعد ثورة تكون قد عصفت بنظام قديم لم تكن فيه المؤسسة البرلمانية ممثلة ومطعون في شرعيتها.

وتجري انتخابات المجلس التأسيسي عامة دون الاعتماد على القوانين الموجودة، فيقع تجميد تلك القوانين أو إبطال العمل بها وتتولى هيئات الحكم المؤقتة (المجلس الوطني لحماية الثورة، الحكومة المؤقتة...) وضع أحكام قانونية لتنظيم الانتخابات (قانون انتخابي مؤقت) يضبط شروط الترشح والانتخاب والحملة الانتخابية، ونظام التصويت والفرز والإعلان عن النتائج وتاريخ إجراء الانتخابات، إلخ.

إن أهم ما في هذه الانتخابات أنها تجري على أساس قواعد جديدة تختلف عن قواعد الانتخابات في النظام القديم المطاح به. وحالما يتم انتخاب البرلمان الجديد يتولى وضع دستور جديد لا علاقة له بالدساتير القديمة، دستور يضع أسس النظام السياسي الجديد. لذلك يعتبر هذا البرلمان مجلس تأسيسي لأنه وكما قلنا يؤسس لنظام جديد لا علاقة له بالنظام السابق. ويمكن أن يكون النظام الجديد جمهورية برلمانية أو رئاسية، أي نظام رئاسي أو نظام برلماني أو نظام مختلط بين الرئاسي والبرلماني. ولكل نظام من هذه الأنظمة خاصيّاته.

ومعلوم أن النظام البرلماني هو النظام الأقرب للديمقراطية في أنظمة الديمقراطية البرجوازية لأنه يمنح ممثلي الشعب أي أعضاء البرلمان صلاحيات مهمة لا فقط في وضع الاختيارات العامة للدولة وإنما أيضا في مراقبة الحكومة ومتابعة عملها واتخاذ إجراء سحب الثقة منها إذا حادت عن تلك الاختيارات والبرامج.

أما النظام الرئاسي فهو يعطي صلاحيات أكبر لرئيس الدولة الذي يمكن أن يكون رئيس الدولة ورئيس الحكومة ورئيس الإدارة مثلما كان الشأن في عهد بن علي. والنظام الرئاسي عادة ما يؤدي إلى قيام نظام الحكم الفردي بالنظر للصلاحيات والأدوار الممنوحة لرئيس الدولة. لهذه الأسباب نادت القوى الديمقراطية في تونس بنظام برلماني لأنها اكتوت بتسلط الحكم الفردي في عهدي بورقيبة وبن علي.

يعمل المجلس التأسيسي لمدة نيابية كاملة (4 أو 5 سنوات حسب ما سيحدده الدستور الجديد). ويتولى خلال هذه المدة بعد وضع الدستور الجديد الذي يمثل القانون الأساسي لنظام الحكم الجديد، وضع بقية القوانين الأخرى المنظمة للحياة العامة السياسية منها والاقتصادية والاجتماعية. وحالما تنتهي مدته يقع تجديده في دورة انتخابية عادية لانتخاب تركيبة جديدة للبرلمان وتنتهي فترة التأسيس بانتهاء الدورة النيابية الأولى التي تولاها المجلس التأسيسي لتعود الحياة في هذه المؤسسة إلى مجراها الطبيعي العادي.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

معلقة القدس في كف بغداد - للشاعر التونسي ادم فتحي

الاشتراكية أو البربرية : حمة الهمامي

خطير جدا تونس تتحول الى مزبلة نفايات مشعة و معفاة من الاداء الجمركي ..لن نسمح بأن تكون تونس مزبلة نفايات البلدان المتقدمة