مرّة أخرى، حزب العمال وحقوق الإنسان (ملاحظات حول تقرير)

مرّة أخرى، حزب العمال وحقوق الإنسان (ملاحظات حول تقرير)
نـداء: من أجل مساندة سـجناء الرّأي بالـهوارب

إنّنا نتوجّه إليكم بهذا النداء، لنحيطكم علما بما يتعرّض له رفاقنا المعتقلون الذين حوكموا في قضية حزب العمال الشيوعي التونسي بالكاف، والذين تمّ نقلهم إلى سجن الهوارب بجهة القيروان. ونناشدكم التحرّك من أجل إيقاف تعذيبهم وإهانتهم وتحسين ظروف سجنهم وتمكينهم من حقوقهم كمساجين سياسيين.

لقد نقل الرفاق إلى سجن الهوارب الذي يبعد عن الكاف حوالي 200 كيلومتر، ممّا أضاف لعائلاتهم متاعب ومشاق التنقّل علاوة على الصعوبات المادية التي تواجهها وعلى الحرمان الذي تعانيه.

إنّ هذا السجن بعيد عن العمران وعن حركة النقل، وهو يعدّ بحقّ معتقلا، يستقبل عامّة المحكوم عليهم بالأشغال الشاقّة من سجناء الحقّ العام.

الضرب والإهانة والمعاملة اللاّإنسانية خبز يومي للسّجين :

فحال وصول الرفاق إلى السجن المذكور، استقبلهم الأعوان بالضرب المبرح والإهانة والاستفزاز، وقسّموهم إلى ثلاث مجموعات. فلأبسط الأسباب أو حتى بدون سبب يتعرّض السجين إلى الضرب بلا رحمة ويعزل في "السيلون" (السجن الانفرادي). ويمكن للعون أن يعاقب أيّا كان متى شاء ويختلق لذلك الذّرائع. إنّ الأعوان في هذا السجن يتفنّنون في أساليب العقاب الانتقامية، ابتداء من فرض التحية للباب أو الحائط، إلى ترك الضحية تحت أشعّة الشمس في وقت تفوق فيه درجات الحرارة الأربعين. أمّا الضرب والإهانة والكلام البذيء فحدّث ولا حرج.

حملة تفتيش إرهابية ومهينة :

عرّضت الإدارة رفاقنا إلى حملة تفتيش إرهابية. فقد حضر الأعوان بكثافة وقدمت فرقة للتدخل من "الطلائع" وحاصروا الساحة وانتصبوا فوق السطوح وكانوا مدجّجين بالسلاح. وبعد تفتيش الأدباش ومصادرة الأوراق والأقلام وحتى الأقلام الجافّة التي يبيعونهم إيّاها، وحجز الرسائل والجرائد والصور، فرضوا عليهم الاصطفاف مديرين وجوههم إلى الحائط وكأنّهم أسرى حرب. ثمّ أدخلوهم إلى جناح الحبس الانفـرادي لإجراء عملية تفتيش من نوع خاص تدعى عملية "طبّس كحْ". وتتمثل في أن يجرّد السجين من ثيابه ويجبر، تحت الضرب والركل والإهانة الجارحة، على الانحناء والسعال، وفي الوقت نفسه يضرب على الظهر بدعوى أنّ السجين بإمكانه أن يخبّىء شفرة حلاقة أو أقراصا مخدّرة في مؤخّرته.

الــزيارة : فرضت إدارة السجن على كلّ عائلة يوما خاصّا بها لزيارة قريبها السجين، كي لا تقدر على تقاسم نكاليف النقل (اكتراء سيارة أجرة لانعدام وسائل النقل بين الكاف والهوارب). وتجري الزيارة من وراء القضبان والحواجز التي تفصل السجين عن عائلته وأطفاله، وتحت ضغط الأعوان الذين يراقبون كلّ كلمة تقال. ويتعرّض السجين للضرب والإهانة لمجرّد أن يجيب بأنّه "منتمي" [1] لمّا يسأل عن القضية المحكوم عليه بالسجن من أجلها، عند دعوته للزيارة.

"الــقفّة" : وتتعرّض "القفّة" للتفتيش الدقيق والممنوعات المفروضة عليها كثيرة ابتداء من "البسيسة" إلى اللحم بالعظام.

الـتغذية : أمّا الأكل، في هذا السجن فهو بصفة دائمة "راقو" ومقرونة لا تقبل عليها حتى الكلاب السائبة والجائعة. ونظرا لبعد السجن وكثرة الممنوعات المفروضة على القفّة، يجد السجين نفسه مجبرا على شراء كلّ شيء من "الكانتينة" (مغازة السجن)، ومن لا مال له يتهدّده الجوع. وتصل نسبة ملوحة الماء درجة تجعل السجين لا يقدم على شربه إلاّ متى أخذ منه العطش مأخذا.

معاملة لا إنسانية لبقية المساجين :

في هذا السجن يضطرّ المحكوم عليهم بالأشغال الشاقّة إلى العمل في الأراضي الشاسعة التابعة له أو في مقطع الحجارة وصناعة الحصى (الغرافي) وفي معصرة الزيت وغيرها من الأشغال، إنّها أعمال سخرة وعبودية. ويتعرّض هؤلاء المساجين "العمّال" إلى الضرب والإهانة في جناح الحبس الانفرادي أين أضحت مشاهد الدم أمرا مألوفا.

ويتعرّض المساجين "الإسلاميون" أيضا لنفس المعاملة القاسية واللاّإنسانية الشائعة بهذا السجن.

إنّ حزب العمال الشيوعي التونسي إذ يحيطكم علما بما يتعرّض له مناضلوه، في سجن الهوارب، من تعذيب مادّي ومعنوي ومن ظروف إقامة لا إنسانية وحرمان من أبسط الحقوق، وما يتعرّض له أيضا بقيّة المساجين (حقّ عام وسياسيون)، فإنّه على يقين من أنّ وضع حدّ لهذه الانتهاكات يتطلّب وقفة تضامنيّة مع مساجين الرّأي في الهوارب ومع باقي المساجين، من أجل تمكينهم من كافّة حقوقهم المشروعة وإيقاف العقوبات الجسديّة والإهانات والتعذيب وتحسين الأكلة وظروف السجن وتمكينهم من الزيارة بدون حواجز وإصدار قانون خاص بالمساجين السياسيين.

كما أنّنا نعتقد أنّ رفع هذه المظالم لا يتّسم إلاّ بإطلاق سراح المساجين السياسيين وإطلاق الحريات وإعادة الإعتبار لكلّ الذين تعرّضوا للإضطهاد والقمع من أجل آرائهم ومواقفهم السياسية.

حزب العمال الشيوعي التونسي

"صوت الشعب" العدد 62- 17 أوت 1993

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

معلقة القدس في كف بغداد - للشاعر التونسي ادم فتحي

الاشتراكية أو البربرية : حمة الهمامي

خطير جدا تونس تتحول الى مزبلة نفايات مشعة و معفاة من الاداء الجمركي ..لن نسمح بأن تكون تونس مزبلة نفايات البلدان المتقدمة