اللقاء النقابي الديمقراطي المناضل: حتى لا تتحوّل المفاوضات الاجتماعية إلى ذريعة لتلميع صورة القيادة النقابية


حتى لا تتحوّل المفاوضات الاجتماعية إلى ذريعة لتلميع صورة القيادة النقابية

لقد مثلت المفاوضات الاجتماعية طيلة السنوات الفارطة العصا التي تتكئ عليها البيروقراطية النقابية لتسويق نفسها لدى النقابيين و للتغطية على تجاوزاتها ومؤامراتها التي اقترفتها في حق المنظمة والطبقات الشغيلة بشكل عام وذلك من خلال ضرب نضالية الاتحاد وإفراغه من بعده الديمقراطي وتحويله إلى جهاز بيروقراطي ضخم وظف بشكل بشع لخدمة نظام بن علي البائد من خلال التزكيات المتتالية، وتركيز ما يسمى بالسلم الاجتماعي والنقابة المساهمة ومختلف الصفقات التي أضرّت بالمنظمة أيّما إضرار.

لقد كانت المفاوضات طبق المنهج البيروقراطي ممركزة في مجملها ومحسومة سلفا لصالح السلطة التي كانت تحدد هامش التفاوض والزيادات المالية وفق توازناتها السياسية والماكرو اقتصادي، والسلطة كانت هي التي توجه المفاوضات الترتيبية أساسا في إطار هوامش من الإجراءات الشكلية دون المساس بقوانين الشغل الجائرة ومسائل المناولة والسمسرة باليد العاملة.

فلا نسب التضخم والنمو ولا مؤشرات ارتفاع الأسعار وتدهور المقدرة الشرائية للطبقة العاملة وعموم الشعب كانت تؤخذ بعين الاعتبار بل كانت هذه المسائل ديباجة ندوات القيادة حول المفاوضات فقط لتلك الأسباب وغيرها تعرّضت المقدرة الشرائية إلى تدهور مستمرّ كما تعفنت العلاقات الشغلية واستفحلت البطالة وانتشر النهب المالي والاقتصادي... على مرأى ومسمع من القيادة النقابية وتواطؤ منها في كثير من الأحيان .

إن اللقاء النقابي الديمقراطي المناضل وانطلاقا من إدراكه للأوضاع والسياسية والاجتماعية والاقتصادية ووعيا منه بضرورة معالجتها بما يستجيب لمطالب العمال المادية والمعنوية وانتظارات عموم الشعب في هذه المرحلة الحاسمة من تاريخ بلادنا لا يرى أن طرح البيروقراطية النقابية وبقوّة لملف المفاوضات على الهيئة الإدارية الوطنية لا يعكس موقفا جديا منها بل يمثل وبدرجة أساسية تهرّبا من المحاسبة على الفساد النقابي والمالي التي اقترفته في حق المنظمة والعمال ومحاولة كسب لودّ الشّغيلة وتحقيق مشروعيّة تفقدها كلّ يوم بسبب مواقفها وتصرفاتها المشبوهة، كما أنها ومن خلال طرح مسألة المفاوضات تحاول إغلاق الباب أمام عقد المؤتمر العام العادي للاتحاد رغم ما يحتمه الظرف من ضرورة الإسراع بانعقاده، كما أنها بهذه التّكتيكات تخطط وبالتعاون والتنسيق مع الأطراف الرجعية لربح الوقت لإمكانية الانقلاب على الفصل العاشر...

فكيف لقيادة بيروقراطية تدعو العمال للعودة للعمل وإنقاذ الاقتصاد الوطني في هذه المرحلة الثورية، أن تطرح في نفس الوقت مسألة المفاوضات، هل ستتفاوض بدون ضغط وأشكال نضالية، على أيّ قاعدة اقتصادية سيكون التفاوض ومع من؟؟؟؟

إن كل هذه التساؤلات تحيلنا على جواب واحد هو أن البيروقراطية تريد مفاوضات صورية وزيادات شكلية لتحتمي بها تجاه المحاسبة والمتابعة على الفساد النقابي والمالي حين حوّلت المنظمة إلى طابور خامس لسياسة بن علي الدكتاتوري ودافعت عنه إلى آخر أيامه وحين زجت بالاتحاد في مواقف المسايرة والمساندة لحكومة الغنوشي والقائد السبسي المؤقتة حينا والمزايدة بنضالات العمال وعموم النقابيين أحيانا وعقد ترتيبات مع السلطة المؤقتة سيكشف التاريخ فحواها وهي جرائم لا يمكن للنقابيين الوطنيين المناضلين أن يتركوها بدون محاسبة مهما كان الطرف المتسبب فيها.

لذلك ندعو الجميع إلى اليقظة التامة والتجنّد النضالي حتى نفوت الفرصة على مناورات البيروقراطية النقابية وصفقاتها في هذا الظرف السياسي المفصلي من تاريخ بلادنا ونعالج القضايا الأساسية للمجتمع وفئاته الاجتماعية المهمّشة وعماله دون مساومة.

تونس في 12 أفريل 2011
اللقاء النقابي الديمقراطي المناضل

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

معلقة القدس في كف بغداد - للشاعر التونسي ادم فتحي

الاشتراكية أو البربرية : حمة الهمامي

خطير جدا تونس تتحول الى مزبلة نفايات مشعة و معفاة من الاداء الجمركي ..لن نسمح بأن تكون تونس مزبلة نفايات البلدان المتقدمة